إن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار , ويواكب الركب البشري حيثما اتجه وسار , وإنما خلق ليوجه العالم والمدنية وليفرض عليها إرادته , ويملي عليها اتجاهه , لأنه صاحب الرسالة وصاحب العلم اليقين , ولأنه هو المسؤول عن هذا العالم وسيره واتجاهه , فليس مقامه مقام الاتباع والتقليد , وإنما مقامه مقام الآمر الناهي , مقام الإمامة والقيادة , ومقام التوجيه والارشاد .
فإذا تنكر له الزمان وعصاه المجتمع , وانحرف عن الجادة , لم يكن له أن يضع أوزاره , ويسالم الدهر , بل عليه أن يثور عليه وينازله , ويظل معه في صراع وعراك حتى يقضي الله في أمره .
إن الخضوع والاستكانة للأحوال القاهرة والأوضاع القاصرة , والاعتذار بالقضاء والقدر من شأن الضعفاء والأقزام , أما المؤمن فهو نفسه قضاء الله الغالب وقدره الذي لايرد.