بيروتية...
أطلق من الفيحاء تأوهات ..
عبرت اثير الحب والحرية ..
الى فيحاء لبنان .. تحمله ريح الصبا ..
يشبه ورود الجرد .. كأن قهقهاته تتناثر كالدخان في مقاهي الروشة ..
تتردد في مسامعه.. تتراءى أمام عينيه ..
عن كثب في عتمة هذا الليل الكئيب ..
كما تتماثل ابتسامات اطفال.. نسجت في سماء بيروت ..
مرايا عكست سمو قلوب مزهره ..
وملاك سيرين يرفرف فوق رأسه ..
ودخان فنجان الصباح يتصاعد رويدا رويدا ..
يفوح أريج زهر البرتقال مع نسمات الصباح ..
أختلط مع ريحة بارود معتق..
لا يزال عالق في جدران وشوراع طرابلس ..
يتردد صدى أناشيد فيروز وصلواتها ..
على ضريح الشهيد .. ومآذن الشوارع .. وكنائس الدير ..
لم تبق هناك الا تذكارات عالقة في أروقة تلك الكنائس العتيقة..
كلمات مقدسة خالدة على الأعمدة ..بألوان ملائكية..
وحروف قديمة على جدران مساجد ..
يطوقها الحب و السلام ..
لا يزال صدى ايقاع خطوات أولئك المسافرون عالقة في تلك الاسوار العتيقة ..
يتردد في جنبات ذلك الرواق الضيق ..
كما تتردد قهقات مجلجله هناك ..
حصان لعبة الشطرنج لايزال يعدو وحيدا ..
بقايا أنامل لا تزال مرسومة على كتاب الاحلام ..
ذات يوم سمع احدى الرفاق..
تلاوة عطرة في ساحة الفناء.. في مرايا الذاكرة ....
تأكد انها مجرد رؤية ..
لا تزال يتردد بالمسامع ذلك النشيد....
مضى كرواية قصيرة .. أنصت اليها بشوق ...
قرأتها اكثر من مرة .. أتلهف لسماعها مرارا وتكرارا..
تذكرت طابور الصباح.. أطفال على قدر براءتهم وفطرتهم ..
لا يزال ظلام الليل يخيم .. كما عهد من قبل ..
وحشة تطوي هذا المكان.. الريح باردة لدرجة الالم ..
الاسوار تترقب خيوط الصباح المعتم ..
كفوف حملت كتاب مقدس .. وبقايا الصبر والدموع ..
مخضبة بالانتظار الممل ..
العيون منهكة في تلك الاماني البائسة ..
زوايا الالم .. رهاب الزيارات.. مؤمنين باقدار ..
لا تأباه أيها الرفيق .. حمل النسيم املا اخيرا ..رغم الانوف ..
طار الغراب من خرابات اعشاشه .. التحق بسرب خائف ..
انهكه النعيق والجوع .. ستعود المياه الى ينابيع الوادي ..
ستعود النوارس الى شواطئها الآمنة ..
تذوب اشلاء الماضي في حدود الافق ..
سنلتقي هناك لا ريب.. عند تلك العجوز ..
نحتسي قهوتها.. نحمل غصن زيتون .. أزهارا من جبل الجنوب ..
وياسمين بيروت .. وربيع الحب ..
ازرع هذه الارض قلوبا بيضاء .. لطالما حملت أغصان سلام بكفوفها ..
عرفوها اولئك بنكران الذات ..
غارقون في مستنقع نرجسية وآناة ..
تتأرجح وتتساقط تلك الأوراق اليابسة ..
حبلى بسراب احلام بائسة .. تنخر الاوهام.. لن ننسى التاريخ ..
ودموع أطفال .. وعيون تلك العجوز ..
بقلمي/ ناصر الضامري