إشــاراتُ قــول مـمـا لا يُــقــال !!
@ من مضحكات ومبكيات أحوالنا كأمة ومن مفارقات أوضاعنا الباعثة للسخرية والخجل أيضا أن يموت فنان كبير وقامة فنية عربية سامقة بحجم (( ملحم بركات )) في الوقت الذي تظهر فيه فجأة وفي نفس يوم وفاته ( مُـطـيـربـة ) دلوعة اسمها أسمهان أو ريمان لا يحضرني جيدا اسمها الآن وليس من الأهمية بمكان أن يحضر .. تظهر وتغني أغنية ( نـنـه ـــ نـنـه ) .. أغنية شبيهة بل تقريبا من نفس جنس أغنية ديــدي وااه التي قدمها صاحب قرط الأذن الفضي الشاب خالد ( وعذرا يا سيف الله المسلول أن يتسمى باسمك الخالد واحدا كهذا ) .. والأكثر صدمة في أمر ريمان هذه أنها مصرة على أنها ( فنانة بالأصل ) وتقول في تصريح مجاني غير مبال بالتبعات :
ـــ أنا خليفة فيروز وماجدة الرومي !!
وأضحك ملء بطني .. أعذروني .. ففي زمن السعادين المتناسلة والمنتشرة بكثرة في عالمنا الفني الرديء وفي زمن القرود الراقصة برجل واحدة لا أملك إلا أن أضحك .. ودائما .. شر البلية ما يُضحك !!
## شخصية نظام عزالدين في الرواية الدسمة جدا أحداثا وأشخاصا وتصويرا والقمة في الفوبيا وفانتازيا الإثارة ــ في هذه الرواية التي إنتهيت من قراءتها بشهية منفتحة وبمتعة كبيرة منذ أيام قليلة مضت تظهر شخصية نظام ذلك الهندي البسيط الذي يعيش مزارعا منعزلا عن العالم في مزرعة سيده المتوفي .. في حجرته الصغيرة التي يأوي فيها بمفرده ألصق على جدرانها عشرات الصور لفنانات وعارضات أزياء حسناوات ونساء عاريات جميلات ومثيرات إنتقاهن بعناية ، وفي جدار آخر مستقل إحتلته الممثلة الهندية الشهيرة الجميلة جدا جدا كارينا كابور ــ إحتلت كارينا هذا الجدار في صورة كبيرة لها تبدو فيها كعادتها قمة في الأناقة والأنوثة اللتين تدوخان رأس من يراها بهما .. كان نظام عزالدين كلما دخل حجرته بعد ست أو سبع ساعات يقضيها عملا وكدا في الحقل ؛ هو ذا بعد عمل مضـنٍ يهرع مثل عابد وفـيٍّ إلى الصورة يقبلها كإلـه معبود من أصابع قدميها وحتى رأسها وجبهتها ويتملاها بعيون وآلهة مليئة بالجوع والحرمان .. حين يجلس يفتح تلفزيونه القديم المنتفخ ويسترخي على قفاه مستمتعا بفيلم كامل من أفلامها ، ولا شيء يرى أو يعشق من أفلام العالم على كثرتها وتنوعها إلا أفلام كارينا كابور وكان يحسد رفيقها الممثل الهندي الشهير سلمان خـان خصوصا حين يراه يراقصها ويحاضنها في لحظات الإستعراض الغنائي ويقول في نفسه : أنا أجمل من سلمان خان هذا وأستطيع أن أراقصها بشكل أبرع وأكثر رشاقة منه .. يتمنى نظام عزالدين في سره لو تحدث معجزة وتصير هذه الممثلة الجميلة التي علق صورتها الكبيرة في الجدار حقيقة ماثلة أمامه بشحمها ولحمها وكل أنوثتها وأناقتها الطاغية ، تشاركه حياته البسيطة والهادئة والمختصرة جدا في نظامها ويومياتها بين الحقل والحجرة .. يا له من بروليتاري حالم .. إنه كأي مزارع فقير يحلم ويحلم ويظل يحلم ويعذبه حلمه الذي يبدو كسراب مخادع ما بالامكان أن يقبض عليه بيديه ولو لحظات في ظل حالته ووضعه وبؤسه .. ومع ذلك .. يظل هناك بين الصورة والواقع بـرزخ حـلـم رغم اللا إمكان إلى شيء .. فاحلم أيها البروليتاري البائس .. إحلم وتخيل .. هذا أبسط حق لك في الحياة رغم يقيني أننا في عالم أناني بغيض بات يُـصادرُ فيه كل شيء حتى الأحــلام !!
$$ المؤكد والأكيد أن الذي تم إعدامه بالشنق فجر يوم عيد الأضحى الموافق 30 / 12 / 2006 ( واحفظوا هذا التاريخ جيدا ) ليس المرحوم صدام حسين بل نحن كأمة .. نحن من تم التوقيع المسبق وبالحبر الأحمر وعلنا وأمام شاشات العالم على قرار إعدامنا شنقا .. وعلنا وعن عمد وقصد وببث مباشر والأمة على عيد أضحى تم إعدامنا شنقا .. كنا أضحية العيد التي قدمت على مذبح الذل والإمتهان .. علنا تم شنقنا وعلنا رقص الكلاب والخونة حول جثتنا .. مات صدام حسين واقفا شامخا وثابتا كرمح عربي أصيل .. رفض أي قناع على وجهه وهو يواجه الموت .. رفض أي حبوب مهدئة وقابل الموت وجها لوجه بقلب أسد عربي شجاع .. في تلك اللحظة التي إلتف فيها حبل المشنقة الآثـم حول رقبته الكريمة كنا نحن نموت وصدام يحيا .. كنا نحن نسقط وصدام يصعد .. كنا نحن ننطفىء وهو يشع نجما عربيا عاليا وخالدا في سماء العروبة الجريحة .. صدقوني .. لم يمت صدام .. نحن من متنا ومازلنا نموت في اليوم مئات المرات شنقا وذبحا وحرقا وطعنا ويأسـاً من كل شيء وأي شيء .
بـقـلـمـي / ســـعـيـد مـصـبـح الـغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ