مـلـكٌ فــوق ضــمـيـرِ العــالــم !!
عمران دقنيش .. ملك حلبي شامي عربي الأرض والجذور ..
عمران كان ينام في بعض سرير أمان بحلب
عمران سافر بالليل في حلم وردي رسمته طفولته
عمران يركض خلف فراشات من شتى الألوان
عمران يحمل طائرة ورقية ويسابقها ركضا في الريح
يضحك وهو يراها
تعلو ..
تعلو ..
تعلو جـهـة سماء حلب الصافية الزرقة ومعها تصعد ضحكاته الحلوة إلى أقصى أكوان الفرح ..
و ..
قنبلة تسقط فوق البيت !!
عمران يشهق مفزوعا !!
ويطير الحلم هباء !!
الليل ظلام دامس
تحت ركام الأنقاض في أذنيه طنين حاد وخليط من أصوات شتى وصراخ ..
وعلى عينيه وشاح ضباب لا يبصر منه إلا أشباحا نيجاتيفية الملامح تركض بين هنا وهناك بحثا عن شيء يتحرك أو صوت تند به الروح ..
كأن سرير الحلم انتقل بقدرة قادر إلى عالم من أشباح غريبة .. عالم مريب تملأه الفوضى واللا ترتيب ..
كل الأشياء التي كانت تحمل تقاسيم صورة ذلك البيت تغيرت مواقعها ، بل ما صارت كما كانت أشياء .. هي ذي .. مجرد قطع متناثرة من كينونات كانت يوما بيتا وصارت فجأة كوم حطام . شظايا . غبار . تراب . وثمة شيء فيها قاني اللون ولزج الملمس مسكوب على الأرضية الرخامية المتصدعة والفراش والألحفة ..
يا إلهي !!
كأن لعنة حلت هنا !!
عمران بعد دقائق من نكبة بيته يخرج محمولا في حضن ..
عمران يجلس على كرسي الإسعاف
عمران ملك فوق ضمير العالم ..
هو ذا يطل علينا ..
تقصفه صور الكاميرات الضوئية وترسله نبأ عاجلا لكل وكالات الأنباء ولذاكرة التاريخ التي لا تنسى أبدا .. في لحظات من عمر المشهد عمران يصبح ملكا على عرش العالم .. كم تبدو عروش الزعماء ضئيلة جدا وقزمة جدا جدا أشخاصا وبلدانا أمام هذا الشاخص بهدوء وجلال حتى صرنا أمامه نخجل جدا من أنفسنا ومن وجودنا !!
عمران مشدوه .. صامت .. ينظرنا مليا .. آه من نظرته .. لقد غارت نصلا حادا في قلب ضمير العالم .. إهتز ضمير الدنيا .. عيون تبكي .. قلوب تنزف .. حناجر تصرخ محتجة وسموات الشعر إسودت بغيوم الحزن وراحت تهطل شعرا .. إشتعل العالم بالكلمات وباللعنات ، وعمران ينظر في صمت وفي عينيه أسئلة الصدمة ..
ومن الدرة إلى إيلان إلى عمران يتمدد فينا الجرح الإنساني .. يتخطى حدود الجغرافيا وشعوب الأرض ..
عمران !!
آه يا حبيبي القمري الوجه
أحبك جدا كما أحب بلادك وأهل بلادك
حلب في القلب
وعـمران صفحة أبجــدية حـزن جديدة تـضاف إلى رحـلـة ما يكتبه نـزيـف القلب العــربي في يوميات الجـرح العربي المتواصل ..
بقلمي / ســعـيد مـصــبـح الـغــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ